الحق المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الحق المبين

دينى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الطاعة, حقيقتها, وضوابطها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 206
تاريخ التسجيل : 22/02/2014

الطاعة, حقيقتها, وضوابطها Empty
مُساهمةموضوع: الطاعة, حقيقتها, وضوابطها   الطاعة, حقيقتها, وضوابطها Emptyالإثنين فبراير 24, 2014 4:10 pm


" الطاعة حقيقتها وضوابطها
بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين 
أما بعد:
إن مسألة الطاعة من مسائل اصل الدين والتي طرأ عليها التحريف بقصد او بغير قصد مما أدى إلى غياب حقيقتها والتي انعكست سلبا على حقيقة الاسلام مما أدخل الناس في متاهات الحيرة والألفة لواقع الجاهلية في عصرنا هذا ولذلك كان لزاما علينا بيان حقيقتها وضوابطها لنكون على بصيرة من ديننا والله الهادي إلى سواء السبيل
الطاعـة
حقيقتها وضوابطها

معى الطاعة في اللغة
والطاعة : اسم للطوع الذي هو مصدر طاع يطوع بمعنى انقاد وفعل ما يؤمر به عن رضى دون ممانعة فالطاعة ضد الكره . والطاعة : امتثال الأوامر واجتناب النواهي قالوا ولا تكون الطاعة إلا عن أمر كما أن الجواب لا يكون إلا عن قول يقال أمره ( فَأَطَاعَ ) والطوع الانقياد بسهولة والطاعة مثله لكن أكثر ما يقال في الائتمار فيما أمر والارتسام فيما رسم. وقيل : طَاع : إذا انْقَاد وأطِاع : اتَّبَع الأمْرَ ولم يُخَالفه, فإذا مَضى لأَمرِه فقد أَطاعَهُ فإذا وافقَه فقد طاوَعَهُ أ.هـ تاج العروس1/ 5426 -5427، لسان العرب 8 / 240, القاموس المحيط 1/ 962, مختار الصحاح1/403, المصباح المنير2/380, النهاية في غريب الأثر3/322 , كتاب العين2/209, التعريفات1/182, التعاريف1/487, التحرير والتنوير1/1400, 2927.
فالطاعة هي امتثال الأمر والتي تعني الرضى وعدم الكره أي المحبة, وامتثل أمره: احتَذاه وعمل على مِثاله, و( امْتَثَلْتُ ) أمره أطعته, ورَسَمْتُ له كذا فارْتَسَمَه إذا امتَثله أ.هـ لسان العرب11/610, 12/ 241, المغرب في ترتيب المعرب 2/258, المصباح المنير 2/564.
معنى الطاعة في القرآن والسنة النبوية
فالطاعة في الأصل هي فعل متعلق بأمر فلا تكون "الطاعة" إلا بعد ورود الأمر وهذا ما قررته النصوص الشرعية القرآنية والنبوية فأما القرآنية فهي:
قوله تعالى:لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (الأنبياء:27).
وقوله تعالى:يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (النحل:50).
فهذه حقيقة طاعة الملائكة لربهم أنهم يتلقون أوامر ربهم فيستجيبون لأمره بالعمل والفعل ولم يذكر الله تعالى أن "الطاعة" تتحقق بالقبول كما ذهبتم إليه فدل على أن العمل والفعل الظاهر هو الدلالة الحقيقية لقبول الأمر .
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:فقوله لا يعصون لا يمتنعون عن "الطاعة" الطاعة وقوله ويفعلون ما يؤمرون أى هم قادرون على ذلك لا يعجزون عن شىء منه بل يفعلونه كله فيلزم وجود كل ما أمروا به وقد يكون فى ضمن ذلك أنهم لا يفعلون الا المأمور به كما يقول القائل أنا أفعل ما أمرت به أى أفعله ولا أتعداه الى زيادة ولا نقصان أ.هـ مجموع الفتاوى 7/174. 
وقال أيضا:وأحسن من هذا وهذا أن العاصي هو الممتنع من طاعة الامر مع قدرته على الامتثال فلو لم يفعل ما أمر به لعجزه لم يكن عاصيا فاذا قال لا يعصون الله ما أمرهم لم يكن فى هذا بيان أنهم يفعلون ما يؤمرون فان العاجز ليس بعاص ولا فاعل لما أمر به وقال ويفعلون ما يؤمرون ليبين أنهم قادرون على فعل ما أمروا به فهم لا يتركونه لا عجزا ولا معصية والمأمور انما يترك ما أمر به لأحد هذين اما أن لا يكون قادرا وإما أن يكون عاصيا لا يريد فاذا كان مطيعا يريد طاعة الآمر وهو قادر وجب وجود فعل ما أمر به فكذلك الملائكة المذكورون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون أ.هـ مجموع الفتاوى 13/61. 
وهذا حال الأنبياء صلى الله عليه وسلم قال تعالى عن ابراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم:
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ(102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ(103)، فالرؤي بحق الانبياء عليهم الصلاة والسلام حق ولم يفهم ابراهيم واسماعيل عليهما السلام من الرؤيا القبول وإنما فهموا أن المقصود من الأمر الفعل الظاهر الذي هو الدلالة الحقيقية على القبول القلبي فاسماعيل عليه السلام قال : يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ، وهذا الفعل وهو الامتثال للأمر ولذلك بين سبحانه وتعالى أن الاستسلام (فَلَمَّا أَسْلَمَا)، كانت دلالته (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ).
وقال تعالى:يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة:67)،فبين سبحانه لنبيه أنه إذا لم يمتثل للأمر بفعل البلاغ فإنه لم يأت بالمقصود من الطاعة فلم يكتاف منه بمجرد القبول القلبي،وهو أصل مذهبكم ولو أردت الاسترسال بالأدلة لكان هذا متعلقا بجميع آيات القرآن.
أما الأدلة بخصوص لفظ "الطاعة" الطاعة الصريح على أن المراد منه الإتيان بالفعل وأنه دلالة على القبول :
قوله تعالى: 
1- قوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(النساء:59)،يقول ابن العربي رحمه الله:المسألة الأولى:في حقيقة الطاعة وهي امتثال الأمر كما أن المعصية ضدها وهي مخالفة الأمر ، والطاعة مأخوذة من طاع إذا انقاد والمعصية مأخوذة من عصى إذا اشتد فمعنى ذلك امتثلوا أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام أ,هـ أحكام القرآن1/573.

2- قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً(النساء:64)، فالمقصود من لفظ يطاع نفهمه من وروده في نص آخر وذلك قوله تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (غافر:18)،فالشفاعة هنا من أجل إخراجهم من النار فلو كان معنى يطاع القبول القلبي فلا معنى من الشفاعة إلا إذا قلنا أن القبول يلزم منه الفعل فيكون الفعل دلالة على اتلقبول وهذا هو الحق الذي لا تقول بخلافه العقول السوية.
3- قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ الآية (الحجرات:7).
يقول ابن جرير رحمه اله تعالى: وقوله { لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم } يقول تعالى ذكره : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في الأمور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم { أنتم } يقول : لنالكم يعني الشدة والمشقة في كثير من الأمور بطاعته إياكم لو أطاعكم لأنه كان يخطئ في أفعاله ا.هـ التفسير 11/385.
قال القرطبي رحمه الله تعالى :ومعنى طاعة الرسول لهم الائتمار بما يأمر به فيما ييلغونه عن الناس والسماع منهم أ.هـ : تفسير القرطبي 16/266. 
4- قوله تعالى: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً(النساء:69)، وهذه الآية سبقها آية توضح المقصود منها وهي قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً () فهي تتحدث عن طاعة الله تعالى بامتثال أوامره من قتل النفس والاخراج من الديار وجاء البيان الرباني بقوله: ولو أنهم فعلوا ، فالمطلوب من الأوامر الطاعة وهذه الطاعة المقصود منها الائتمار فعل امتثال الأمر والاتيان بالفعل. 
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي من عمل بما أمره الله به وترك ما نهاه الله عنه ورسوله فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته ويجعله مرافقا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة وهم الصديقون ثم الشهداء والصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم أ.هـ التفسير 1/693. 
ولا أظن أن كلامه يحتاج إلى توضيح وكما يقولون فإن توضيح الواضح من المستحيل
الطاعة في الخطاب النبوي 
- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ أ.هـ صحيح البخاري.
قلت:
أ- قوله: فادعهم إلى شهادة أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فسرتها رواية مسلم بلفظ:فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وقوله فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فسرتها رواية مسلم بلفظ: فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، ورواية البيهقي بلفظ: فان هم اجابوك لذلك.

ب- قوله: فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فسرتها رواية مسلم بلفظ: فَإِذَا فَعَلُوا،ورواية البيهقي بلفظ: فان هم اجابوك لذلك، وقال ابن دقيق العيد في الفتح لابن حجر : وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ " فَإِذَا صَلَّوْا أ.هـ5/123.
فالطاعة المقصود منها فعل الصلاة، لأنها تقضي فعلا في وقتها ووقت إسلامهم لا بد من أن يكون في وقت صلاة معينة يجب فعلها..
ت- قوله: فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فسرتها رواية مسلم بلفظ: فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، ورواية البيهقي بلفظ: فان هم اجابوك لذلك،وقال ابن دقيق العيد في الفتح لابن حجر: وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ " فَإِذَا صَلَّوْا " وَبَعْدَ ذِكْرِ الزَّكَاةِ " فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ أ.هـ 5/123.
فالطاعة المتعلقة بالزكاة هي الاجابة بالإقرار لأن الزكاة لا تجب إلا بعد الحول بالنصاب الشرعي.
فالطاعة جاءت بمعنى امتثال الأمر(الإتيان بالفعل)،قال محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله تعالى: فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوك لِذَلِكَ:اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّار غَيْر مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ حَيْثُ دُعُوا أَوَّلًا إِلَى الْإِيمَان فَقَطْ ثُمَّ دُعُوا إِلَى الْعَمَل أ.هـ عون المعبود4/1، وهذا العمل الظاهر دلالة على القبول الباطني لأنه من لوازمه قال: وَفِي حَدِيث اِبْنِ عَبَّاس من الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ الِاقْتِصَار فِي الْحُكْم بِإِسْلَامِ الْكَافِر إِذَا أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، فَإِنَّ مِنْ لَازِمِ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله التَّصْدِيق بِكُلِّ مَا ثَبَتَ عَنْهُمَا وَالْتِزَام ذَلِكَ أ.هـ فتح الباري 20/440.
قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِقْرَارَهُمْ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ وَالْتِزَامِهِمْ لَهَا ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الطَّاعَةَ بِالْفِعْلِ ، وَقَدْ يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْفَرِيضَةِ فَتَعُودُ الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَيْهَا ، وَيَتَرَجَّحُ الثَّانِي بِأَنَّهُمْ لَوْ أُخْبِرُوا بِالْفَرِيضَةِ فَبَادِرُوا إِلَى الِامْتِثَالِ بِالْفِعْلِ لَكَفَى وَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّلَفُّظُ بِخِلَافِ الشَّهَادَتَيْنِ ، فَالشَّرْطُ عَدَمُ الْإِنْكَارِ وَالْإِذْعَانُ لِلْوُجُوبِ اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ، فَمَنْ اِمْتَثَلَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَفَاهُ أَوْ بِهِمَا فَأَوْلَى ، أ.هـ فتح الباري5/123. وهو هنا يتحدث عن رواية البخاري وقد سبق بيان الروايات الأخرى المفسرة لها.
وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي حَدِيث مُعَاذ " فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا " فَإِنَّ عِنْد بَعْض رُوَاته كَمَا ذَكَرَهُ اِبْن التِّين " فَإِنْ هُمْ طَاعُوا " بِغَيْرِ أَلْف ، وَقَدْ قَرَأَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَطَائِفَة مَعَهُ " فَطَاوَعَتْ لَهُ نَفْسه " قَالَ اِبْن التِّين : إِذَا اِمْتَثَلَ أَمَرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ ، وَإِذَا وَافَقَهُ فَقَدْ طَاوَعَهُ ، قَالَ الْأَزْهَرِيّ . الطَّوْع نَقِيض الْكُرْه ، وَطَاعَ لَهُ اِنْقَادَ ، فَإِذَا مَضَى لِأَمْرِهِ فَقَدْ أَطَاعَهُ . وَقَالَ يَعْقُوب بْن السِّكِّيت : طَاعَ وَأَطَاعَ بِمَعْنَى أ.هـ فتح الباري8/68.
2-ع َنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أ.هـ صحيح البخاري22/255.
قوله: وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أ.هـ فسرتها رواية الامام أحمد بلفظ: فَاتَّبِعُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أ.هـ ورواية أخرى له بلفظ: فَأْتُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أ.هـ،ورواية الطحاوي في مشكل الآثار بلفظ: فافعلوا منه ما استطعتم أ.هـ
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: وأشار - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث إلى أنَّ في الاشتغال بامتثالِ أمرِه ، واجتنابِ نهيه شغلاً عن المسائل ، فقال : (( إذا نهيتُكم عن شيءٍ ، فاجتنبوه ، وإذا أمرتُكم بأمرٍ ، فأتوا منه ما استطعتم )) فالذي يتعيَّنُ على المسلم الاعتناءُ به والاهتمامُ أنْ يبحثَ عمَّا جاءَ عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يجتهدُ في فهم ذلك ، والوقوف على معانيه ، ثم يشتغل بالتصديقِ بذلك إنْ كان من الأمور العلمية ، وإنْ كان من الأمور العملية ، بذل وسْعَهُ في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر ، واجتناب ما يُنهى عنه أ.هـ جامع العلوم والحكم ص11.وقال أيضا: أنَّ امتثالَ الأمر لا يحصلُ إلاّ بعمل أ.هـ جامع العلوم والحكم ص 24.
3- عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ فَقَالَ أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي قَالُوا بَلَى قَالَ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا فَجَمَعُوا فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا فَأَوْقَدُوهَا فَقَالَ ادْخُلُوهَا فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّارِ فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتْ النَّارُ فَسَكَنَ غَضَبُهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ أ.هـ صحيح البخاري13/237.
قلت : انظر إلى فهم الصحابة رضي الله عنهم من لفظ الطاعة فعندما قال لهم: فَقَالَ أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي قَالُوا بَلَى أ.هـ فعندما أمرهم بجمع الحطب وإيقاد النار فعلوا ذلك ولم يقولوا له إن "الطاعة" الطاعة هنا القبول فقط ولا يلزم منها امتثال الأمر بفعله حتى أنهم لما أمرهم بدخول النار التي أوقودوها همّ بعضهم بدخولها امتثالا للأمر لكن البعض لم يفعل ذلك ليس لأن " الطاعة لا تعني امتثال الأمر بل لأن دخولهم الإسلام فرارا من النار فكيف يدخولونها بعد اسلامهم.
4- عن الأسود بن سريع أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : أربعة يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول ربي لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم ان أدخلوا النار قال فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما.ا.هـ مسند أحمد بن حنبل4/24. تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث حسن وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه قتادة : وهو ابن دعامة السدوسي مدلس وقد عنعن.
عن أبي هريرة : مثل هذا غير انه قال في آخره فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها يسحب إليها أ.هـ مسند أحمد بن حنبل4/24.تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن من أجل معاذ بن هشام : وهو الدستوائي.
قلت: أنظر إلى قوله: فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه أ.هـ ومعنىo الطاعة هنا بقوله: فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها يسحب إليها أ.هـ فثبت هنا أيضا أن الطاعة هي امتثال الأمر بفعل المأمور به وليس القبول الباطني.
5-عن أبي هريرة رضي الله عنه :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني أ.هـ متفق عليه. 
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: والطاعة هي الإتيان بالمأمور به والانتهاء عن المنهي عنه والعصيان بخلافه قوله ومن أطاع أميري فقد أطاعني في رواية همام والأعرج وغيرهما عند مسلم ومن أطاع الأمير ويمكن رد اللفظين لمعنى واحد فان كل من يأمر بحق وكان عادلا فهو أمير الشارع لأنه تولى بأمره وبشريعته ويؤيده توحيد الجواب في الأمرين وهو قوله فقد أطاعني أي عمل بما شرعته أ.هـ فتح الباري13/112. الطاعة في الخطاب الشرعي
إن معنى الطاعة" الطاعة يقوم عليه مدار الدين لأنه المعنى العملي للعبادة وهذا ما قرره علماء الأمة على حد سواء علماء اللغة والتفسير والحديث والفقه ويتوقف عليه حكم الإسلام والكفر.. 
وأَصل العُبودِيَّة الخُضوع والتذلُّل.وتَعَبَّدَ اللَّهُ العَبْدَ بالطاعة أَي استعبده, والتَّعَبُّدُ التَّنَسُّكُ والعِبادَةُ الطاعة, وقال الزجاج في قوله تعالى: إياك نعبد أي:نطيع الطاعة التي يخضع معها, وقيل إياك نوحد, ومعنى العبادة في اللغة الطاعة مع الخضوع. 
قال الأَزهري غلط الليث في القراءة والتفسير ما قرأَ أَحد من قرَّاء الأَمصار وغيرهم وعَبُدَ الطاغوتُ برفع الطاغوت إِنما قرأَ حمزة وعَبُدَ الطاغوتِ وأَضافه قال والمعنى فيما يقال خَدَمُ الطاغوتِ قال وليس هذا بجمع لأَن فَعْلاً لا يُجْمَعُ على فَعُلٍ مثل حَذُرٍ ونَدُسٍ فيكون المعنى وخادِمَ الطاغوت.
وكلُّ من دانَ لملك فهو عابد له وقال ابن الأَنباري فلان عابد وهو الخاضع لربه المستسلم المُنْقاد لأَمره وقوله عز وجل: اعبدوا ربكم() أَي: أَطيعوا ربكم وعَبَّدَ الرجلُ أَسْرعَ وما عَبَدَك عَنِّي أَي ما حَبَسَك, وعَبِدَ به لَزِمَه فلم يُفارِقْه أ.هـ لسان العرب3/273. 
والعَبْدِيَّةُ والعُبودِيَّةُ والعُبودَةُ والعِبادَةُ : الطَّاعَةُ أ.هـ القاموس المحيط 1/378. 
وقال آخَرُونَ : العُبُودَةُ : الرِّضا بما يَفْعَلُ الرَّبُّ والعِبَادَةُ : فِعْلُ ما يَرْضَى به الرَّبُّ, وأَما عَبَدَ الله فَمَصْدَرهُ : عِبَادَة وعُبُودة وعُبُودِيّة أَي أَطاعه.وفي اللسان : وعَبَد اللهَ يَعبُده عِبادَةً ومَعْبَداً : تَأَلَّه له . 
والمُعَبَّدُ كمُعَظَّمٍ : المُذَلَّلُ من الطريق وغيره يقال: بَعِيرٌ مُعَبَّد أي مُذَلَّلٌ طريقٌ مُعَبَّدٌ أي مسْلُوكٌ مُذَلَّل.وقيل: هو الذي تَكثرُ فيه المُخْتَلِفةُ . قال الأزهريُّ: والمُعَبَّد: الطَّريقُ المُوطُوءُ. والمُعَبَّدُ: المُكَرَّمُ المُعَظَّم كأَنّه يُعَبَد ضِدٌّ قال حاتم: تَقُولُ أَلا تُبْقِي عليكَ فإِنَّني.. أَرى المالَ عِنْدَ المُمْسِكِينَ مُعَبَّدَا أي مُعَظَّماً مَخْدُوماً وبَعِيرٌ مُعَبَّدٌ: مُكَرَّمٌ أ.هـ تاج العروس1/2096-2101. 
( تَعَبَّدْتُهُ ) دعوته إلى الطاعة أ.هـ المصباح المنير2/289. 
دلالة الطاعة في المصطلحات الشرعية
1- التوحيد 
فأَنا أَوّل العابدين إِلهَ الخَلْق أَجمعين الذي لم يلد ولم يولد وأَوّل المُوَحِّدِين للرب الخاضعين المطيعين له وحده أ.هـ لسان العرب3/273.
2- الإسلام 
{ ونحن له مسلمون} ونحن له خاضعون بالعبودية والطاعة وقيل: منقادون لأمره ونهيه.أ.هـ تفسير الطبري 1/ 612. روح المعاني1/396. 
فتأويل قوله : { إن الدين عند الله الإسلام } : إن الطاعة التي هي الطاعة" الطاعة عنده له وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذلة وانقيادها له بالطاعة فيما أمر ونهى وتذللها له بذلك من غير استكبار عليه ولا انحراف عنه دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهة أ.هـ تفسير الطبري3/211. 
3- القنـوت 
{ كل له قانتون } روي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:كل قنوت في القرآن فهو طاعة, قال النحاس: مطيعون طاعة انقياد وقيل: قانتون مقرون بالعبودية وإما قالة وإما دلالة.أ.هـ تفسير القرطبي 14/ 18 .
ويقنت معناه : يطيع ويخضع بالعبودية قاله الشعبي وقتادة أ.هـ تفسير الثعالبي3/226. 
4- الانقياد والإتباع
{ إن كنتم إياه تعبدون } يقول:إن كنتم منقادين لأمره سامعين مطيعين أ.هـ تفسير الطبري2/88. 
113. 
أن الإسلام طوعا هو الانقياد والامتثال لما أمر الله تعالى من غير معارض أ.هـ روح المعاني3/214. 
, وعن مجاهد وزيد بن أسلم تفسير قوله ( إلا ليعبدون ) بمعنى : إلا لآمرهم وأنهاهم .أ.هـ التحرير والتنوير1/3772. 
5- الديـن 
قال أبو جعفر : ومعنى { الدين } في هذا الموضع : الطاعة والذلة أ.هـ تفسير الطبري 3/211.
{ وأمرنا لنسلم لرب العالمين } يقول : وأمرنا ربنا ورب كل شيء تعالى وجهه لنسلم له لنخضع له بالذلة والطاعة والعبودية فنخلص ذلك له دون ما سواه من الأنداد والآلهة.أ.هـ تفسير الطبري5/231. 
وانتصب( دينا ) على التمييز, وإسلام الوجه كناية عن تمام الطاعة والاعتراف بالعبودية وهو أحسن الكنايات لأن الوجه أشرف الأعضاء وفيه ما كان به الإنسان إنسانا وفي القرآن ( فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني )أ.هـ التحرير والتنوير1/1031 
6- الإخبـات 
{وبشر المخبتين} يقول تعالى ذكره: وبشر يا محمد الخاضعين لله بالطاعة المذعنين له بالعبودية المنيبين إليه بالتوبة أ.هـ تفسير الطبري 9/150
8- التسخير
السخرة بمعنى الانقياد والعبودية أ.هـ تفسير البيضاوي1/170. 
9- التنسك
{ واسجد } أي صل لله { واقترب } أي تقرب إلى الله جل ثناؤه بالطاعة والعبادة أ.هـ تفسير القرطبي 20/118. 
فبعد ضبط معنى الطاعة ومدلولاتها ومكانتها من الدين لا بد من ضبط وتحديد قاعدة هذه الطاعة التي تقوم عليه وهو الأمر لأن الطاعة هي امتثال الأمر ، والأمر من خصائص الربوبية ومقتضاها اللازم لها ولا ينفك عنها لأن الآمر لا يكون إلا خالقا قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف:54)، ولذلك قرر سبحانه وتعالى بأن الأمر له وحده خاص به لأنه خالق الخلق المتصرف بهم فكلهم مربوبون له مطيعون فليس هناك آمر إلا هو قال تعالى: يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ الآية(آل عمران:154)، يقول الألوسي رحمه الله تعالى:وعلى الثاني يريد أن تلك الأحكام حدود حاجزة بين الألوهية والعبودية فالإله يحكم والعباد تنقاد فلا تقربوا الأحكام لئلا تكونوا مشركين بالله تعالى أ.هـ روح المعاني2/69. 
الأَمْرُ :معروف نقيض النَّهْيِ وأَمَرَهُ يَأْمُرُه أَمْراً وإِماراً فأْتَمَرَ أَي قَبِلَ أَمْرَه وائْتَمَرَ الأَمرَ أَي امتثله ,فأْتَمَرَ أَي أَطاعها وأُولُو الأَمْرِ : الرُّؤساءُ والعلماءُ ,. والأمر بمعنى الحال جمعه ( أُمُورٌ ) وعليه ( وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ) و( الأَمْرُ ) بمعنى الطلب جمعه ( أَوَامِرُ ) وعليه أكثرُ الفُقَهاء وهو الجارِي في ألْسِنَة الأقوام أ.هـ لسان العرب4/ 26, القاموس المحيط 1/439, تاج العروس 1 / 2463 , المصباح المنير جزء 1 /21 .
الأمر عند علماء الأصول والبلاغة والتفسير والحديث هو: استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب وصيغته افعل وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تحمل عليه إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الإباحة ولا تقتضي التكرار على الصحيح إلا ما دل الدليل على قصد التكرار ولا تقتضى الفور أو هو طلب الفعل بالقول على سبيل الاستعلاء والإلزام أو اقتضاء فعل غير كف على جهة الاستعلاء , والاقتضاء طلب (والطَّلَبُ: مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه ) الفعل مع المنع عن الترك وهو الإيجاب أو بدونه وهو الندب أو طلب الترك مع المنع عن الفعل وهو التحريم أو بدونه وهو الكراهة والأمر والدعاء يتشاركان لفظا ومعنى ويتفاوتان بالاستعلاء والتسفل وقيل: بالرتبة والدعاء إذا استعملت في طلب الفعل على سبيل التضرع نحو ( رب اغفر لي ولوالدي ) والالتماس إذا استعملت فيه على سبيل التلطف كقولك لمن يساويك في الرتبة أفعل بدون الاستعلاء والاحتقار نحو (ألقوا ما أنتم ملقون).أ.هـ إرشاد الفحول1/140, الإحكام للآمدي2/258, , المحصول للرازي2/22,المدخل1/223, المستصفى 1/202,روضة الناظر1/189, الورقات1/13, لتعريفات 1/50. لسان العرب 1/559, الكشاف 1 / 59, تفسير البيضاوي 1/ 69,تفسير النسفي 1 /34, الإيضاح في علوم البلاغة جزء 1/141-143, شرح سنن ابن ماجه 1/63 , مجموع الفتاوى28/168, الاستقامة2/292.
وعليه فلواقع تحريف الدين الذي نعيشه وندرة العلماء الربانيين واتجاه الناس إلى التقليد في الدين وغياب الوعي الحقيقي واندراس ملكة اللغة في الأمة وغلبة العجمة على الناس حتى عند من يتكلم في المسائل الشرعية فكثير منهم يظن أن كل تنفيذ لطلب فعل -وهي صيغة الأمر- أنها طاعة مأمور لآمر أي : أن كل من طلب فعل فهو آمر وأن كل من نفذ فعل فهو مأمور وهذا خطأ فاحش ترتب عليه تخليط وتمييع وعدم ضبط لهذه المسألة فصيغة طلب الفعل لها ثلاث وثلاثون معنى فهي من الأمور المحتملة وعليه فإن صيغة طلب الفعل من حيث الآمر والمأمور والتي تترتب عليها الأحكام الشرعية خمسة وهي صيغة طلب الفعل المتعلقة بالتشريع والتي تدل على معنى الأحكام الشرعية من حيث الوجوب والتحريم والكراهة والاستحباب والإباحة التكليفية والوضعية فهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تعني الوجوب من حيث الأمر بإيجاد معدوم وتحريم من حيث النهي، ومع وجود القرائن تنتقل إلى ما دون الوجوب وهو الكراهة والاستحباب والإباحة وهذه على اعتبارين:
الأول: أن تكون من له صفة السلطان سواء السلطان المادي وهم الأمراء ( السادة والكبراء) أو السلطان المعنوي وهم العلماء، فإن ردوها إلى الله ورسوله فتكون الربوبية لله تعالى، وإن ردوها إلى غير الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام فتكون ربوبية لهم فعندها يكونوا طواغيتا.وهذا في الاصطلاح الشرعي هو: طلب الفعل بالقول على سبيل الاستعلاء والإلزام. 
الثاني:أن تكون من غير ذوي السلطان (الضعفاء والمستضعفون)، إلى السادة والكبراء فإن كانوا ممن يردون أمورهم إلى غير شرع الله تعالى فهي تأليه لغير الله تعالى واتخاذ أرباب من دون الله تعالى أي:عبادة غير الله تعالى، وهذه تكون فيما لا يملكه السادة والكبراء من حق أثبته لهم الشرع، وهذا يسمى في الاصطلاح الشرعي الدعاء وهو:طلب الفعل على سبيل التسفل والدنوا واللجوء والاستجداء.
فإذا كان طلب الفعل من متساويين في الرتبة فيكون على سبيل التلطف دون استعلاء واحتقار فهو الالتماس وحكم الامتثال يكون حكم الفعل ويجتمع هنا حكمان حكم الطاعة وحكم الفعل.
تبقى قضية طاشت فيها العقول واضطربت فيها الأفهام قادتها الآراء والأهواء وهي مسألة علاقة الشيطان مع المسلمين فبناء على ما سبق فإن الشيطان ليس له سلطان بنص قوله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (إبراهيم:22)، فليس له سلطان مادي على المسلم فلا يوجد علاقة أمير ورئيس ومرؤوس وليس له سلطان معنوي وهو سلطان الحجة،ومن ناحية أخرى فهو أدنى من المسلم رتبة والمسلم أعلى منه وبما أن علاقته من خلال الوسوسة والتزيين والإغراء فصورة الأمر هي : طلب فعل من أدنى إلى أعلى على سبيل الغواية والتزيين والحكم في هذه الحالة يكون للفعل وهي حالة أدنى من طلب الفعل من متساويين فطلب الفعل من متساويين يكون له حكم الفعل فيجتمع حكمان حكم الطلب وحكم الفعل وهذا من باب الزيادة في الشيء بخلاف قضية الشيطان كونها حالة أدنى منها فيكون الحكم للفعل فقط ويقال عندها أطاع الشيطان في المعصية او الكفر
"الطاعة" في هذه الحالة من حيث الأمر وليس الآمر.
الطاعة عند المسلم
قررت النصوص الشرعية بأن الطاعة عند المسلم بنص قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء:59).
1- طاعة الله عز وجل بحق الربوبية,
2- طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام لأن طاعته طاعة لله عز وجل بنص قوله تعالى: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً(النساء:80).
3- طاعة أولي الأمر أي : أصحاب الأمر وهذا الأمر ليس مطلقا وإنما أمر الله ورسوله وهم أصحاب الولايات الشرعية : الإمامة العظمى ، وإمامة الصلاة وإمامة الجهاد وإمارة الصدقات والعلماء والوالدين واالزوج وهكذا فيطاع كل والي من خلال ولايته التي يؤديها حسب طاعة الله تعالى وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه الطاعة هي كما بينها عليه الصلاة والسلام عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني أ.هـ متفق عليه. وعليه فطاعة أولي الأمر في طاعة الله عز وجل طاعة لله عز وجل وطاعة أولي الأمر في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لله عز وجل وهذه الطاعة مقيدة بغير المعصية لقوله عليه الصلاة والسلام في قصة أمير السرية التي أوقد نارا وأمرهم بدخولها: الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ أ.هـ صحيح البخاري،وقوله عليه الصلاة والسلام: السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعةأ.هـ صحيح البخاري فالنتيجة أن الطاعة لله عز وجل وبذلك يتحقق التوحيد في الطاعة.
فليس عند المسلم طاعة لغير ما نصت عليه النصوص الشرعية أما غير المسلم فقد دلت النصوص على أن طاعة الطاغوت وطاعة المشرك مناقضة للتوحيد لأن الطاعة أصل الدين ولا يشوش على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل فهنا كلمة مخلوق من العام المخصوص بمن وجبت طاعته وليست عامة بحق البشر جميعا سواء منهم المسلم وغير المسلم ولو قلنا بعموم لفظ المخلوق لشمل ذلك جميع ما هو مخلوق من الإنس والجن والدواب والنبات والجماد وهذا لا يقوله أحد وهذا أحد أساليب الخطاب اللغوي كقوله تعالى: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم الآية، فهنا المقصود من الناس ليس جميع الناس على وجه الأرض وإنما ناس مخصوصون ثم إن الخطاب النبوي إنما موجه إلى المسلمين في الواقع الإسلامي فافهموا ذلك، فاطاعة أصل التوحيد ويتحقق فيها ركني النفي والإثبات أما الاثبات فقد ورد في آيات كثيرة منها: 
قوله تعالى:وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (المائدة:92).
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (الأنفال:20).
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (محمد:33).
وأما النفي فقد ورد في آيات كثيرة منها:
قوله تعالى: فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (الفرقان:52).
قوله تعالى:َيا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (الأحزاب:1).
قوله تعالى:وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً(الأحزاب48).
ولذلك ورد النص الشرعي بأن من قال للكافر سأطيعك في بعض الأمر أنه مرتد فكيف بمن جعل نفسه تحت ولاية الكافر في أكثر أمور حياته ولو عمل أحدهم في هذا الزمان إحصائية في الأمور التي يطيع فيها الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام بالنسبة لطاعته للمشركين لوجدها نسبة لا تذكر في أمور محددة قال تعالى:ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(محمد:26)، والعجيب أن هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا()، نعم أفلا يتدبرون القرآن ليعلموا الطاعة أصل التوحيد أفلا يتدبرون القرآن ليعلموا أنه لا ولاية للمشرك على المسلم ، أفلا يتدبرون القرآن ليعلموا أن النصوص المتعلقة بطاعة الكافر حكمها الردة والكفر، فإذا كان هذا حكم من قال سأطيع ولم يطع سواء كان عن اعتقاد أو غير اعتقاد عن رضى أو كره فمن باب أولى من أطاع وهذا حكم الله سبحانه وتعالى في طاعة الكافر بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ (آل عمران:149).
وأما الطاغوت فقد ورد أصل الدين باجتنابه والاجتناب إنما هو لذاته كونه طاغوتا، وطاعته والتحاكم إليه ونصرته وحبه زاباع شرائعه كل ذلك من باب التفصيل لحقيقة الطاغوت وبالنظر فيها فإنها لا تبق للطاغوت شيئا من أمور الحياة عند المسلم فكل حركة في الحياة إما طاعة وإما اتباع وإما حكم وإما تحاكم وإما نصرة وإما محبة فكل هذا عند المسلم لله تعالى لا يشاركه فيه غيره لأنه الصراط المستقيم قال تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(161) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162) 
(163)الأنعام. لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 
وأما قوله تعالى: وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (آل عمران:100)،وهذه الآية نزلت بسبب تحريش اليهود بين الأوس والخزرج وتذكيرهم بما كان بينهم في الجاهلية من الحروب والبغضاء فالطاعة هنا من جنس طاعة ابليس بالإغواء والتزيين والتحريش وليس عن أمر بناء على سلطان مادي أو معنوي وعموم اللفظ متعلق كما قال ابن جرير رحمه الله تعالى: فنهاهم جل ثناؤه : أن ينتصحوهم ويقبلوا منهم رأيا أو مشورة ويعلمهم تعالى ذكره أنهم لهم منطوون على غل وغش وحسد وبغض أ.هـ التفسير 3/ 372و10/254،تفسير ابن كثير 3/614،أحكام القرآن لابن العربي 1/387، فالطاعة التي نهاهم عنها سبحانه وتعالى هي أن يشاوروهم ويستنصحوهم وهذا محل إجماع عن المفسرين،فلا يمكن بحال أن يتصور أحد العلماء أن يكون مسلم ممتثلا لأوامر ونواهي المشركين في أمر من الأمور ويبقى على إسلامه ناهيك عن امتثال أوامرهم في أكثر نواحي الحياة.
ولأن مسألة الطاعة أثير حولها كثير من الشبهات ومن ذلك أنهم جعلوا للطاغوت طاعة وأن هذا لا يناقض التوحيد فإليك أقوال أهل العلم من المفسرين لتكون على بينة ولتعلم حقيقة التحريف والجهل في هذا الأمر وأن التوحيد هو إخلاص الطاعة لله وجعلها له وحده ليس لمن دونه منها شيء بنص صريح واضح كما أن البعض حرف معنى الطاعة وجعلها حق الطاعة ومعلوم أن هذا تقييد للمعنى الشرعي لا بد من نص شرعي صريح عليه مع ان حق الطاعة تتعلق بالباطن وهو الإعتقاد القلبي والطاعة شيء آخر: 
أمن الأمان و الأمانة بمعنى وقد أمنت فأنا أمن و آمنت غيري من الأمن و الأمان و الأمن ضد الخوف و الأمانة ضد الخيانة والإيمان ضد الكفر..والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان أ.هـ لسان العرب 13/21 , النهاية في غريب الأثر 1/166 , المطلع 1/248, عون المعبود9/58, فيض القدير 6/261, نيل الأوطار 9/103. 
وقال شيخ المفسرين رحمه الله تعالى: والذي أراد ابن عباس إن شاء الله بقوله في تأويل قوله:اعبدوا ربكم, وحدوه أي: أفردوا الطاعة والعبادة لربكم دون سائر خلقه أ.هـ تفسيرالطبري1/160.
وقال أيضا: ويكون الدين كله لله يقول حتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله خالصة دون غيره أ.هـ الطبري9/248.
وقال أيضا: يقول تعالى ذكره اجتنبوا أيها الناس عبادة الأوثان وقول الشرك مستقيمين لله على
إخلاص التوحيد له وإفراد الطاعة والعبادة له خالصا دون الأوثان والأصنام غير مشركين به شيئا من دونه أ.هـ تفسير الطبري17/155.
وقال أيضا: وقوله:ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى يقول تعالى ذكره ومن الناس من يخاصم في توحيد الله وإخلاص الطاعة والعبادة له بغير علم عنده بما يخاصم ولا هدى يقول ولا بيان يبين به صحة ما يقول ولا كتاب منير يقول ولا بتنزيل من الله جاء بما يدعى يبين حقية دعواه أ.هـ تفسير الطبري21/79. 
والدين ما ورد به الشرع من التعبد ويطلق على الطاعة والعبادة والجزاء والحساب أ.هـ الحدود الأنيقة 1/70.
وقال الواحدي رحمه الله تعالى:وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة أي شرك يعني قاتلوهم حتى يسلموا وليس يقبل من المشرك الوثني جزية ويكون الدين أي: الطاعة والعبادة لله وحده فلا يعبد دونه شي ء فإن انتهوا عن الكفر فلا عدوان أي فلا قتل ولا نهب إلا على الظالمين والكافرين أ.هـ الوجيز1/155.
وقال البغوي رحمه الله تعالى: هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا يعني المطر الذي هو سبب الأرزاق وما يتذكر وما يتعظ بهذه الآيات إلا من ينيب يرجع إلى الله تعالى في جميع أموره فادعوا الله مخلصين له الدين: الطاعة والعبادة ولو كره الكافرون أ.هـ معالم التنزيل 4/94
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: لله رب العالمين أي خالصا له لا شريك له فيه والإشارة بذلك إلى ما أفاده لله رب العالمين لا شريك له من الإخلاص في الطاعة وجعلها لله وحده أ.هـ فتح القدير 2/185
وقال ابن تيمية رحمه الله : وحقيقته( التوحيد) أن تفنى بعبادته عما سواه ومحبته عن محبة ما سواه وبخشيته عن خشية ما سواه وبطاعته عن طاعة ما سواه وبموالاته عن موالاة ما سواه وبسؤاله عن سؤال ما سواه وبالإستعاذه به عن الاستعاذة بما سواه وبالتوكل عليه عن التوكل على ما سواه وبالتفويض إليه عن التفويض إلى ما سواه وبالإنابة إليه عن الإنابة إلى ما سواه وبالتحاكم إليه عن التحاكم إلى ما سواه وبالتخاصم إليه عن التخاصم إلى ما سواه أ.هـ منهاج السنة 5/347. 
وقال أيضا رحمه الله كلاما جامعا صريحا واضحا:الاستسلام لله وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده فهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره وذلك إنما يكون أن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت .. إلى قوله: فالدين هو الطاعة والعبادة ..وقال صلى الله عليه وسلم : إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد. متفق عليه, وهو الاستسلام لله لا لغيره بأن تكون العبادة والطاعة له والذل وهو حقيقة لا إله إلا الله. أ.هـ الفتاوى 5/184.
فهؤلاء علماء الأمة يجمعون على أن العبادة بعمومها تعني الطاعة بعمومها ولم يستثن أحد منهم شيئا منها لأن الله سبحانه بين بأن الصراط المستقيم الذي هو الإسلام والتوحيد هو طاعة الله وحده وطاعة رسوله لا ثالث لهما بقوله: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقا (النساء: 69).وعليه فإن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت يكون معناه: أطيعوا الله واجتنبوا طاعة الطاغوت فمن استثنى شيئا من العموم كالقول بجواز طاعة الطاغوت في المباح فيكون معناه:
جواز عبادة الطاغوت في المباح .
ومن قال بجواز طاعة الطاغوت في الأمور الإدارية يكون قوله جواز عبادة الطاغوت في الأمور الإدارية وهكذا، لأن معنى العبادة الطاعة فأينما وجد مصطلح العبادة في أي نص نضع معناه وهو الطاعة فيكون المعنى صحيحا لا لبس فيه وهو مراد الله تعالى وكذلك فإن معنى الدين الطاعة فمن أطاع الله تعالى فهو في دين الله تعالى ومن أطاع الطاغوت كان في دين الطاغوت ومن قال يجوز طاعة الطاغوت في شيء فقد جعل للطاغوت من الدين شيء والتوحيد ( الإسلام) إنما هو أن يكون الدين كله لله كما نص القرآن على ذلك بلفظ صريح واضح: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه الآية (الأنفال :39) .
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: واعلم : أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله، إلاّ بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى : َمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:256) الرشد : دين محمد ؛ والغي : دين أبي جهل ؛ والعروة الوثقى : شهادة أن لا إلَه إلا ّ الله، وهي متضمنة للنفي والإثبات . تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له.أ.هـ الدرر السنية 1/163.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kkkk424.forumegypt.net
 
الطاعة, حقيقتها, وضوابطها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحق المبين :: العقيدة-
انتقل الى: