الحق المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الحق المبين

دينى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الدرس التاسع عشر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 206
تاريخ التسجيل : 22/02/2014

الدرس التاسع عشر Empty
مُساهمةموضوع: الدرس التاسع عشر   الدرس التاسع عشر Emptyالخميس فبراير 27, 2014 9:21 am

[b]بسم الله الرحمن الرحيم
تيسير أصول الفقه للمبتدئين
الدرس التاسع عشر: المطلق والمقيد، والمجمل والمبين


المطلــــــــق والمقيــــــــد:
فالمطلق: لغة هو المرسل، وهو ضد المقيد، يقال أطلقه أي أرسله.

واصطلاحا هو ما دل على الحقيقة بلا قيد، أو هو اللفظ الدال على شائع في جنسه.
وقوله (شائع) يعني: أنه غير مقيد بوصف معين.
كأن تقول مثلا إذا دخلت الصف ومعك هدايا فتقول لمشرف الفصل: أكرم الطلبة. وهذا عموم، صيغته الألف واللام الإستغراقية. لكن إذا دخلت وقلت: أكرم طالبا. هذا هو المطلق.

فقولك: أكرم طالبا، شائع في جنس الطلبة، حيث إن أي واحد من هؤلاء الطلبة يكرم بهذه الهدية، فإذا دخلت الفصل ومعك هدية واحدة فقلت: ما معي إلا هدية واحدة، أكرم طالبا. فالمدرس سيفهم من كلامك أن يكرم محمدا أو أحمد أو أي طالب من الطلبة، فقول: أكرم طالبا، هو شائع في جنس الطلبة وأي واحد من هؤلاء الطلبة يكرم بهذه الهدية.

وقوله (العاري عن التقييد) أي: لفظ يدل على الحقيقية بلا تقييد، وبلا قيد، كما قالى: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3]، رقبة هنا مطلقة ولم يقيدها بقيد.

الفرق بين العام والمطلق:
أما العــــــام: هو اللفظ الدال على الشمول، ويستغرق كل أفراده دفعة واحدة.
وأما المطلق: هو اللفظ الدال على شائع في جنسه، ويراد به فرد واحد من العموم، لكنه غير معين، وغير مقيد.

أما المقيد: لغة ما جعل فيه قيد من وصف وغيره.
واصطلاحا هو ما دل على الحقيقة بقيد، أو هو الفظ الدال على الجنس بقيد. أي: ليس بشائع بل هو مقيد بوصف، مضبوط بضابط، فلا يجزئ إلا هو، فقول الله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92] فهذا قيد الرقبة بالمؤمنة، فلا تجوز الكافرة، ولا الكتابية من أهل الكتاب، فهذا لا يدل على شائع في جنسه، بل هو مقيد بقيود لا يجزئ غيرها.

حكم المطلق والمقيد:
المطلق والمقيد من باب الخاص وليس من باب العام، ومعنى ذلك أن دلالته تكون قطعية.
وحكم المطلق أن يعمل به وجوبا، وليس بلازم البحث عن المقيد.
مثال (1):
قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المجادلة:3]، وقوله: أوَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89] فيجب على كل إمرئ إذا قال الله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أن يحرر رقبة ولا يبحث عن تقييد، إلا إذا جاءني الدليل يبين لي التقييد فيقول الله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92] فهذا أظهر لي التقييد. فحكم المطلق أن يعمل به على إطلاقه ولايلزم البحث عن المقيد.

مثال (2):
قوله تعالى في كفارة الظهار: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:4] هذا مقيد، والقيد هنا: شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ولم يطلقها، فلا يكون الصيام متفرقا، بل لابد من التتابع، ولا يقبل الصيام إلا بالتتابع.

مثال (3):
قوله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23] أما التقييد في قوله: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ فهو قيد أغلبي لا مفهوم له، وأما قوله: مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وهذا وصف مقيد بالدخول يدل لذلك أنه جاء بعده مبين في قوله: فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فهذا يبين أن الدخول بالأم وصف مقيد.
أحوال المطلق والمقيد:
للمطلق والمقيد أربعة أحوال:
أولاً: أن يتفقا في الحكم والسبب:
مثال (1):
قول الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُم [المائدة:89] فالذي حنث بيمينه فحكمه أن عليه كفارة، فمن لم يجد أيا من الثلاث الأول، فعليه صيام ثلاثة أيام. فالحكم: صيام ثلاثة أيام، والسبب: الحنث في اليمين.
ووردت قراءة عند ابن مسعود: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات) وهذه قراءة تفسيرية على الراجح. والحكم: صيام ثلاثة أيام، والسبب: الحنث في اليمين. ولكنه هنا مقيد، وفي الآية الأولى مطلق.
فمن يحمل المطلق على المقيد يقول الحكم واحد والسبب واحد، فاتحدا في السبب والحكم، فوجب حمل المطلق على المقيد.
ومن قال أنها ليست قراءة قال بأنها ليست قرآنا وأنها تعتبر بمنزلة ورتبة الحديث الحسن، قالوا وجب أن نحمل مطلق قول الله تعالى: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ على المقيد بقول ابن مسعود: (ثلاثة أيام متتابعات)، فيجب على من يكفر عن يمينه أن يصوم ثلاثة أيام متتابعات.

مثال (2):
قول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ [المائدة:3]، وفي الآية الأخرى قال الله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ [الأنعام:145]. فالدم في الآية الأولى مطلق (الدم) وفي الآية الثانية مقيد (دماً مسفوحاً). والدم المسفوح: هو المهراق عن موضعه، يعني: لو خرج الدم من العرق وانتقل إلى الأرض، فهذا يسمى دماً مسفوحاً، فنحمل المطلق على المقيد ونقول: الدم المحرم هو الدم المسفوح فقط، وهذا باتفاق الفقهاء، فقد اتفقوا على حمل المطلق على المقيد إذا اتفقا في السبب واتفقا في الحكم. والحكم هو التحريم، والسبب: الميتة حرام للضرر الناجم منها؛ لأن فيها النجاسة. ومن الأدلة التي توضح لنا هذا الفهم الصحيح حديث ابن عمر رضي الله عنه وهو حديث صحح لغيره قال: (أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالسمك والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال). فالدمان هنا ليسا من المسفوح قطعا لأن التحريم جاء في الدم المسفوح.

مثال (3):
قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ النَّاسِ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ). وقد حسنه الألباني. وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال: (مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيه).
إذا الإطلاق الأول إطلاق في العدد والوصف، فقوله: (أمة) يمكن أن تطلق على فرد واحد، كما قال الله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِين [النحل:120]، وأيضا قول ابن عباس: الجماعة أنت لو كان معك الحق. أي إن كنت مفردا ومعك الحق فأنت الجماعة. ففي الحديث الأول العدد مطلق، فقيد بأربعين.
وأيضا إطلاق الوصف في الحديث الأول، قيد بوصف: (لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا)، وقوله (شيئا) نكرة في سياق النفي تفيد العموم، يعني لايشركون بالله شيئا سواء كان صغيرا أو كبيرا، فلا يشفع من يقسم بغير الله أو يشرك بالله شركا أصغر أو شركا أكبر.

ثانيا: أن يتفقا في الحكم ويختلفا في السبب:
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3] فالرقبة مطلقة. وقال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92] وهذا مقيد بالإيمان، أي: تحرير رقبة مؤمنة.
فالحكم في الآية الأولى تحرير رقبة، والسبب: الظهار.
والحكم في الآية الثانية: تحرير رقبة، والسبب: القتل الخطأ.
فهل يحمل المطلق على المقيد أم لا؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أما الأحناف فيرون عدم الحمل، وحجتهم في ذلك أن الحمل تضييق، فيما الاطلاق توسيع من الشرع لا بد أن نأخذ به ولا نضيق الحكم، أي: يكون المطلق بمجاله والمقيد بمجاله.

القول الثاني: وأما الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة فيرون حمل المطلق على المقيد، وهم يرون أن القرآن كله ككلمة واحدة، وطالما اتفقا في الحكم، فلا بد أن يحمل الأول على الثاني؛ لأن الثاني قد بين لنا مراد الآية الأولى، فكأن الثاني مفسر لمجمل الأول، فلا بد من حمله عليه؛ لأن الله جل وعلا يقول: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المجادلة:3] فهو سكت عن التقييد. وفي الآية الأخرى قيد لنا الرقبة بوصف الإيمان.
ويؤكد ذلك حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: (ائْتِنِي بِهَا) فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيْنَ اللَّهُ؟) فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. فَقَالَ: (مَنْ أَنَا؟) فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة). والفاء تفيد التعليل، يعني علة العتق الإيمان، وبمفهوم المخالفة إن لم تكن مؤمنة فلا تعتقها.
بل ومقاصد الشريعة تعضد كلام الفقهاء في ذلك، بل تؤكده؛ لأن الله يحب عتق المسلم، أما الكافر فالرق كان له جزاء وفاقاً؛ لأنه هرب من رق الرحمن، ونزل في رق الشيطان فيذل ويهان؛ لأنه لا يلزم نفسه بالإيمان بالله جل في علاه.
فالصحيح الراجح أن المطلق هنا يحمل على المقيد، ويكون تحرير الرقبة المؤمنة شرطاً في الإجزاء، فمن ظاهر فقال لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فلا بد أن يعتق رقبة مؤمنة وإلا فلا يجزئه. وأيضاً: قتل النفس خطأ فيه تحرير رقبة مؤمنة.

ثالثاً: أن يتفقا في السبب ويختلفا في الحكم:
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]. وقال الله جل في علاه: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [المائدة:6].
ففي الآية الأولى: السبب: إرادة الصلاة، والحكم: الغسل.
وفي الآية الثانية: السبب: إرادة الصلاة، والحكم: التيمم.
فهل نحمل المطلق على المقيد، ونقول: إذا أراد أن يتيمم يمسح اليد إلى المرفق؟
حدث الخلاف بين العلماء في حمل المطلق على المقيد في ذلك، والصحيح الراجح: أننا لا نحمل المطلق على المقيد، لكن بعض العلماء حمله عليه، وأثبتوا ذلك برواية عن ابن عمر أنه قال في التيمم: (يكفي الضرب هكذا، وضرب بيده فمسح بوجهه ومسح بيده إلى المرفق). وهذا مرجوح ليس بالراجح؛ لكن الغرض المقصود أنه حمل المطلق على المقيد.

رابعاً: أن يختلفا في السبب وفي الحكم:
قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]. وقول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ [المائدة:38]. فقوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6] مقيد. وقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] مطلق. فاليد تشمل العضد والرسغ والمرفق، إذاً: السارق والسارقة تقطع اليد إلى العضد مثلاً أو تقطع إلى المرفق أو تقطع إلى الرسغ، فالعلماء قالوا: إن الآية التي ذكرت قطع اليد جاءت مطلقة. أما قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6] فقد قيد اليد إلى المرفق؛ فهل نقول بحمل المطلق على المقيد، فتقطع يد السارق من المرفق حملاً للمطلق على المقيد أم لا؟ فلابد أن ننظر في سبب الحكم.
فالحكم في الآية التي ذكرت قطع اليد هو القطع، والسبب هو السرقة.
والحكم في الآية التي ذكرت الوضوء هو الغسل، والسبب هو إرادة الصلاة.
فاختلفا في السبب والحكم، فلا يحمل المطلق على المقيد بالاتفاق، ولا نقول بأن اليد تقطع إلى المرافق، وقد جاءتنا أدلة أخرى تثبت القطع من الكف، بأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع من الكف، ونصاب القطع ربع دينار.

****************

المجمـــل والمبيــــــن:
المجمل: هو المبهم الذي لا يعرف إلا بقرينة.
كالألفاظ المشتركة التي نقول عليها الأضداد، وهي ألفاظ تعطي المعنى ونقيضه.
مثل: لفظ (القرء) وهو مشترك بين الطهر والحيض، فلغة يطلق على الحيض، ويطلق على الطهر.
ومثل: لفظ (جلل) ويعني الأمر العظيم، وأيضا الأمر القليل الهين.
ومثل: لفظ (البيع) ويطلق على البيع ويطلق على الشراء.
فهذه كلها إجمالات مبهمة ولاتوجد قرينة ترجح لنا هذا أم ذاك.

المُبَيِّن: هو الذي جاءت القرائن فبينت المراد منه. والمُبَيَّن بالفتح اسم مفعول والمُبَيِّن بالكسراسم فاعل.
مثال (1):
قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [البقرة:43] هذا مجمل، فالصلاة أصلا في اللغة الدعاء، وهي حد شرعي لا نعرفه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فكبر وقرأ الفاتحة وركع وسجد....وهذا تبيين بالفعل وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

مثال (2):
قوله تعالى: وَآَتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، أيضا مجمل بينه النبي صلى الله عليه وسلم فبين الأموال الزكوية, وبأن المال لابد أن يبلغ النصاب، وأن يحول عليه الحول، وأن يكون الملك تاما للمال، وبين لنا مصارف الزكاة.

مثال (3):
قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] فالقرء لفظ مشترك بين الطهر والحيض، وهذا لفظ مجمل، ولذلك اختلف العلماء على أي معنى يحمل القرء على قولين:
القول الأول: قول المالكية والشافعية وبعض الحنابلة أن القرء هو الطهر.
القول الثاني: قول الأحناف وهو قلب الحنابلة أن القرء هو الحيض. وهو الراجح لحديث: (دَعِى الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ ثُمَّ اغْتَسِلِى وَصَلِّى).

مثال (4):
قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] هذا مجمل، وهي عامة لكل الناس وخصت بقوله: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، والتخصيص هذا تبيين، لكن الأصل أن أفعال الحج غير مبينة في الآية لذا فهي من المجملات، وبينها النبي صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل، فقال: (خذوا عني مناسككم)، ثم بين الإحرام والطواف وحدد المواقيت المكانية والزمانية....

حكم العمل بالمجمل:
يجب على المكلف عقد العزم على العمل بالمجمل متى حصل بيانه، ومعنى هذا الكلام أنه ليس نفس الحكم الذي قلناه في المطلق والمقيد والعام. والفارق أنه هنا لايعمل وإنما يعقد العزم لأنه لم يستبن له الإجمال الذي في المسألة، وإنما هو عقد العزم حتى يتبين له المراد من المسألة، والمراد من الأمر والنهي، فيعمل به. [/24]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kkkk424.forumegypt.net
 
الدرس التاسع عشر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدرس التاسع عشر
» الدرس التاسع
» الدرس التاسع
» الدرس التاسع
» الدرس التاسع عشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحق المبين :: أصول الفقه-
انتقل الى: