[b]الدرس الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشـهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
نكمل بعون الله ما بدأنا به من دروس الآجورومية في النحو
قال المصنف رحمه الله : وَلِلْخَفْضِ ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ : الْكَسْرَةُ ، وَالْيَاءُ ، وَالْفَتْحَة .
نستطيع أن نعرف أن الكلمة مخفوضة وذلك إذا وجدنا فيها واحداً من ثلاثة أشياء :الأولى الكسرة ، وهي الأصل في الخفض ، والثانية الياء ، والثالثة الفتحة ، ولكل واحد من هذه العلامات الثلاثة مواضع سيذكرها المصنف بالتفصيل كما يلي :
قال رحمه : فأَمَّا الْكَسْرَةُ فَتَكُونُ عَلاَمَةً لِلْخَفْضِ في ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ : في الاسْمِ الْمُفْرَدِ الْمُنْصَرِفِ ، وَجَمْعِ التَّكْسِيرِ المُنْصَرِفِ ، وَجَمْعِ المُؤَنْثِ السَّالِم .
للكسرة ثلاثة مواضع تكون في كل واحد منها علامة على أن الاسم مخفوض .
الموضع الأول : الاسم المفرد المنصرف ، ولقد عرفنا سابقاً ما هو الاسم المفرد ، أما معنى المنصرف ، الصَّرف : هو التنوين ، ومعنى كونه منصرفاً : أن الصرف يلحق آخره وهو التنوين يعني يكون آخره تنوين ، مثل " سَعَيْتُ إلى مُحَمَّدٍ " ومثل " رَضِيتُ عَنْ عَلِيٍّ " ومثل " اسْتَفَدْتُ مِنْ مُعَاشَرَةِ خَالِدٍ " ومثل " أَعْجَبَنِي خُلُقُ بَكْرٍ " فكل من " محمد " و "علي " مخفوض لدخول حرف الخفض عليه ( إلى ، عن ) ، وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة في آخره ، وكل من "خالد ، وبَكر" مخفوض لإِضافة ما قبله إليه ، وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة أيضاً ، ومحمد وعلي وخالد وبكر: أسماء مفردة، وهي منصرفة ، لِلحوقِ التنوين لها . محمدٍ ، عَلِيٍّ ، خَالِدٍ ، بَكْرٍ
والموضع الثاني التي تكون فيه الكسرة علامة على الخفض هو : جمع التكسير المنصرف ، مثل "مَرَرْتُ بِرِجَالٍ كِرَامٍ " رجال ، ومثل " رَضِيتُ عَنْ أصْحَابٍ لَنَا شُجْعَانٍ " أصحاب ، فكل من " رجال و أصحاب " مخفوض لدخول حرف الخفض عليه ، وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة على آخره ، وكل من " كرام ، وشُجعَان " مخفوض ، لأنه نعت للمخفوض ، وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة على آخره ، ورجال وأصحاب وكرام وشُجْعَان : جموعُ تكسير ، وهي منصرفة ؛ للحوق التنوين لها . ِرِجَالٍ ، كِرَامٍ ، أصْحَابٍ ، شُجْعَانٍ .
والموضع الثالث التي تكون فيه الكسرة علامة على الخفض هو: جمع المؤنث السالم ، مثل " نَظَرْتُ إلى فَتَيَاتٍ مُؤَدَّبَاتٍ " ، ومثل "رَضِيتُ عن مُسْلِمَاتٍ قَانِتَاتٍ " فكلٌ من " فَتَياتٍ ، وَمسلمات " مخفوض ؛ لدخول حرف الخفض عليه ، وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة على آخره . وكل من "مؤدَّبات ، وقانتات " مخفوض ؛ لأنه تابع للمخفوض ، وعلامة خفضه الكسرة الظاهرة أيضاً ، وكل من : فتيات ، ومسلمات ، ومؤدبات ، وقانتات : جمع مؤنث سالم .
قال المصنف رحمه الله : وَأَمَّا الْيَاءُ فَتَكُونُ عَلاَمَةً لِلْخَفْضِ في ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ : في الأسْمَاءِ الْخَمْسَةِ ، وَفي التَّثْنِيّةِ ، وَالْجَمْعِ .
للياء ثلاثة مواضع تكون في كل واحد منها دالة على أن الاسم مخفوض .
الموضع الأول : الأسماء الخمسة ، مثل "سَلِّمْ عَلَى أّبِيكَ صَبَاحَ كلِّ يَوْمٍ " ومثل " لا َتَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى صَوْتِ أخِيكَ الأكْبرِ " ومثل " لاَ تَكُن مُحِبًّا لذي المال إلاَّ أن يكون مُؤدَّباً . فكل من" أبيك ، وأخيك ، وذي المال " مخفوض ؛ لدخول حرف الخفض عليه ، وعلامة خفضه الياء ، والكاف مضاف إليه مبني على الفتح في محل خفض ، وكلمة " المال " في المثال الثالث مضاف إليه أيضاً ، مجرور بالكسرة الظاهرة. أما الموضع الثاني التي تكون فيه الياء علامة على الخفض هو: المثنى ، مثل " انْظُرْ إلى الْجُنْدِيَّيْنِ " ، ومثل " سَلِّمْ عَلَى الصَّدِيقَيْنِ " فكل من " الجنديين ، والصديقين " مخفوض ؛ لدخول حرف الخفض عليه ، وعلامة خفضه الياءُ المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها ، وكل من " الجنديين ، و الصديقين " مُثنَّى ؛ لأنه دال على اثنين .
أما الموضع الثالث التي تكون فيه الياء علامة على الخفض هو: جمع المذكر السالم ، مثل " نَظَرْتُ إلى المُسْلِمِينَ الْخَاشِعِينَ " فالمسلمين " جمع مذكر سالم مخفوض ؛ لدخول حرف الخفض عليه ، وعلامة خفضه الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها .
قال المصنف رحمه الله : وَأَمَّا الْفَتْحَةُ فَتَكُونُ عَلاَمَة لِلْخفضِ في الاسمِ الذِي لا يَنْصَرِفُ .
للفتحة موضع واحد تكون علامة على خفض الاسم ، وهو الاسم الذي لا ينصرف .
والاسم غير المنصرف هو الاسم الذي لا يقبل الصرف ، وهو التنوين .
مثل : " صَلَّى الله عَلَى إبْرَاهِيمَ خلِيلِه " ومثل : " رَضِيَ الله عَنْ عُمَرَ أميرِ المؤمنين " : فكل من إبراهيم وعمر : مخفوض ؛ لدخول حرف الخفض عليه ، وعلامة خفضهما الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ إبْرَاهِيمَ ، عُمَرَ ، لأن كل واحد منهما اسم لا ينصرف . وسيأتي بحث الممنوع من الصرف لاحقا وبالتفصيل إن شاء الله .
وحتى ينخفض الاسم الذي لا ينصرف ، بالفتحة ، يجب أن يكون خالياً من "أل" وألا يضاف إلى اسم بعده ، فإن اقترن بأل أو أُضيف إلى اسم بعده ، خفض بالكسرة ، مثل قوله تعالى { وَأَنْتُمْ عَاكِفُّونَ فِي المَسَاجِدِ } ومثل : " مَرَرْتُ بحسْنَاءِ قُرَيشٍ " .
قال المصنف رحمه الله : وَلِلْجَزْمِ عَلاَمَتَانِ : السُّكُونُ ، وَالْحَذْف .
يحكم على الكلمة بأنها مجزومة ، إذا وجد فيها واحداً من أمرين ؛ الأول : السكون ، وهو العلامة الأصلية للجزم ، والثاني : الحذف ، وهو العلامة الفرعية ، ولكل واحد من هاتين العلامتين مواضع سيذكرها المصنف رحمه الله فيما يلي :
قال المصنف رحمه الله : فَأَمَّا السُّكُونُ فَيَكُونُ عَلاَمَةً لِلْجَزْمِ في الْفِعْلِ الْمُضَارِع الصحيح الآخر .
للسكون موضع واحد يكون فيه علامة على أن الكلمة مجزومة ، وهذا الموضع هو الفعل المضارع الصحيح الآخر ، يعني الفعل المضارع الذي آخره ليس حرفا من حروف العلة الثلاثة التي هي الألف والواو والياء .
مثل " يلْعبُ ، وَيَنْجَحُ ، وَيُسَافِرُ ، وَيَسْألُ " فإذا قلت " لَمْ يَلْعَبْ عَلِيٌّ " و " لَمْ يَنْجَحْ بَلِيدٌ " و " لَمْ يُسَافِرْ أخُوكَ " " و "لَمْ يَسْألْ بَكْرٌ الأُسْتاذ " فكل من هذه الأفعال مجزوم ، بحرف الجزم " لم " لَمْ يَلْعَبْ ، لَمْ يَنْجَحْ ، لَمْ يُسَافِرْ ، لَمْ يَسْألْ ، وعلامة جزمه السكون ، وكل واحد من هذه الأفعال فعل مضارع صحيح الآخر .
قال المصنف رحمه الله : وأمَّا الْحذفُ فيَكُونُ عَلاَمَةً للجَزمِ في الْفِعْل الْمُضَارع الْمُعْتل الآخِر ، وَفي الأفْعَالِ الْخَمْسةِ التي رفْعُهَا بثبَاتِ النُّونِ .
للحذف موضعان يكون في كل واحد منهما دليلا وعلامة على جزم الكلمة .
الموضع الأول :الفعل المضارع المعتل الآخر ، وهو الفعل الذي آخره حرف من حروف العلة الثلاثة التي هي الألف والواو والياء .
الفعل المضارع الذي آخره ألف مثل "يَسْعَى ، يَرْضَى ، َيهْوَى ، يبْقى "
الفعل المضارع الذي آخره واو مثل " يَدْعُو ، َيرْجُو ، يَسْمُو ، يَقْسُو ، "
الفعل المضارع الذي آخره ياء مثل " يُعْطِي ، وَيَقْضِي ، وِيُحْيي ، وَيَلْوِي ، وَيَهْدِي "
فإذا قلت : " لم يسْع عليٌّ إلى المجد " فإن "يسع " مجزوم ؛ لأنه سبقه حرف الجزم لم ، وعلامة جزمه حذف الألف من آخره ، والفتحة قبلها دليل عليها ، وهو فعل مضارع معتل الآخر .
مثال آخر إذا قلت : " لَمْ يدْعُ مُحمَّدٌ إلا إلى الحق " فإن "يدع " فعل مضارع مجزوم ؛ لأنه سبقه حرف الجزم لم وعلامة جزمه حذف الواو ، والضمة قبلها دليل عليها .
مثال آخر إذا قلت : " لَمْ يُعْطِ مُحمَّدٌ إلا خالداً " فإن "يُعْطِ " فعل مضارع مجزوم لأنه سبقه حرف الجزم لم ، وعلامة جزمه حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها .
الموضع الثاني للحذف : الأفعال الخمسة التي ترفع بثبوت النون ، وقد سبق بيانها ، ومثالها " يضربان ، وتضربان ، ويضربون ، وتضربون ، وتضربين " تقول " لَمْ يَضْرِبَا ،وَ لَمْ تَضْرِبَا ، وَلَمْ يَضْرِبُوا ، وَلَمْ تَضْرِبُوا ، ولَمْ تَضْرِبِي " كل واحد من هذه الأفعال فعل مضارع مجزوم بحرف الجزم " لم " وعلامة جزمه حذف النون ، والألف أو الواو أو الياء فاعل ، مبني على السكون في محل رفع .
أيها الأخوة : أكتفي بهذا القدر في هذا الدرس .
وفي نهاية هذا الدرس أسأل الله العلي القدير بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا ، أن يجعلني وإياكم ممن يعمل لله، ويطلب العلم لله جل جلاله . وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين .
[/24
]