الحق المبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الحق المبين

دينى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الدرس العاشر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 206
تاريخ التسجيل : 22/02/2014

الدرس العاشر Empty
مُساهمةموضوع: الدرس العاشر   الدرس العاشر Emptyالخميس فبراير 27, 2014 9:38 am

[b]بسم الله الرحمن الرحيم
تيسير أصول الفقه للمبتدئين
الدرس العاشر: أقسام القياس


أقســـــــــام القيــــــــــــاس:
القياس قسمان: قسم جلي وقسم خفي.

أولا: القياس الجلي:
وهو الذي ثبتت فيه العلة بالنص أو بالإجماع.
قياس ثبتت فيه العلة بالنص ظاهرة جدا، أي جاءنا أمور قطعية لاتحتاج لاجتهاد ولادقة نظر.
مثال ذلك: قوله تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا [الإسراء:23] فالعلة هنا ظاهرة جلية وهي الإيذاء بالتأفف، من الممكن أن يتأذى منه الأب أو الأم، فهو ثبت بنص وهو جلي فالقياس عليه يكون قياسا جليا وليس قياسا خفيا، لأن العلة كما قلت ثبتت بالنص.
والقياس الجلي أقسام ثلاثة: قياس أولى، وقياس مساوي وقياس الأدنى.

(1) قياس الأولى: وهو أن تكون العلة في الفرع أقوى منها في الأصل.
مثال (1):
قوله تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا [الإسراء:23]، التأفف علته الإيذاء، والتأفف هو الأصل وهو محرم، وعلة التحريم الإيذاء.
والضرب فرع عن أصل وله حكم الأصل فيحرم الضرب، لكن ننظر في العلة في الضرب علة الإيذاء، ههل هي أقوى من علة الإيذاء في التأفف أم لا؟ فالعلة في الفرع أقوى منها في الأصل فتسمى قياس أولى، يعني إن كان الله قد حرم على الابن أن يتأفف لوالديه، فمن باب أولى يحرم عليه أن يضربهما.
وهذا فيه رد قاسي على ابن حزم الذي ينكر القياس، وهو يقول: أنه يحرم على المرء أن يتأفف لوالديه ويصح له أن يضربهما لأن النص لم يرد فيه تحريم الضرب ولكن جاء بتحريم التأفف، فلو أخذهما ورماهما من مكان عال ليس فيه شيء لأن النص لم يأت بتحريم الضرب، النص جاء بتحريم التأفف، فيحرم عليه أن يقول أف ولايحرم عليه أن يضربهم، وهذا كلام باطل!!!
ويظهر أن الذين أنكروا القياس وقعوا في مزلات أعظم مما تكون حتى ترى في كلامه عجبا. يقول في النهي: لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يبول المرء في الماء الراكد ثم يغتسل به، يقول: لو بال فيه فهو آثم، ولو بال في قارورة ثم صب القارورة في هذا الماء جاز له!! لأنه لاينظر إلى المعاني، إنما جمود مع النص.
فهنا الذين يقيسون وينظرون إلى المعاني يقولون: إن النظر في هذا المعنى وهو الإيذاء متوفر في الضرب بل هو أشد منه، فيكون هذا قياس جلي.

مثال (2):
أيضا مسألة البعث، انظروا كيف أن الله جل وعلا يبين لنا مسألة القياس الجلي، قال الله تعالى: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [غافر:57] يعني هؤلاء الناس لايساوون شيئا بالنسبة لخلق السماوات بما فيها من النجوم والكواكب وما فيها من عجائب الخلق، والأرضين وما فيها من أنهار وجبال وزروع وكل ما فيها، فخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس.
فالذي خلق السماوات والأرض والتي هي أكبر، من باب أولى يستطيع أن يذهب بهذا البشر ويأتي بخلق جديد، قال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ [إبراهيم:19] لأن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير [البقرة:20]، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير [الحج:70]. لأن خلق السماوات والأرض إن كان أكبر والله خلقهما، فالله قادر على أن يذهب بهذا الخلق ثم يأتي به مرة ثانية، أو يبعثهم بوم القيامة، فهذا أيضا قياس جلي.

(2) قياس المساواة: وهو نوع من القياس الجلي الذي ثبتت فيه العلة بالنص وهو قسم مساوي وليس من باب أولى.
والقياس المساوي هو أن تكون العلة في الفرع مساوية أو كالعلة في الأصل.
مثــــــال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لايقضي القاضي وهو غضبان). لأن الغضب قد يذهب بعقله ويشوش على عقله، فالعلة هنا التشويش أو ذهاب العقل، وهذا أصل نلحق به فرع، والفرع هو الرجل الحاقن الذي يدافع الأخبثين أو يدافعه الأخبثان، فما الدليل على أن الحاقن يشوش عقله؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي وهو يدافع الأخبثين، لأن مدافعة الأخبثين ستشوش على عقله وتذهب بخشوعه. فهذا دلالة على أن الحاقن مشوش عقله، فهذا فرع ألحق بالأصل.
فإذا قلنا لا يقضي القاضي وهو غضبان فبالقياس نقول لايقضي القاضي وهو حاقن، لأنه سيشوش عقله، وهذا من باب المساواة في العلة.

بالنسبة لله عزوجل لايصح قياس المساواة ولاقياس العلة ولا قياس الشمول، لكن يصح قياس الأولى.
وقياس الأولى يعني أن كل كمال يثبت للإنسان فمن باب أولى أن يثبت لله جل وعلا. فالذي بين الله والعباد هو قياس جلي وهو قياس الأولى، كما قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى [النحل:60] فإن كان الكمال بالبصر عند اليشر، فمن باب أولى أن نصف الله بالبصر لأنه كمال وهو أولى بالكمال، والذي خلق للبشر الكمال، فهو أولى بأن يوصف بالكمال. أما قياس المساواة فلا يصح بحال من الأحوال بين الله وبين عباده.

ثانيا: القياس الخفي:
وهو القياس الذي تثبت علته بالنظر والتدقيق، بالاستنباط والاستقراء.
الإسكار في الخمر يثبت بالإجتهاد، أو ولاية الإجبار للصغيرة، كل ذلك ثبت بالإجتهاد والإستقراء والإستنباط وبالسبر والتقسيم، كما سنبين في مسائل العلة.
وهذا القياس يكون أضعف من القياس الأولوي، وهو حجة ولكنه أضعف من القياس الأولوي. فإذا جاءنا قياس الأولى أوقياس المساواة في العلة، هذا قياس قوي حجة قوي، فإذا جاءنا قياس وكانت العلة ثابتة بالإجتهاد يكون هذا القياس أضعف، وما الفائدة؟ في حالة التعارض بين القياسات نقول القياس الذي ثبتت علته بالنص أقوى من القياس الذي ثبتت علته بالإجتهاد.
العلماء يرون أن قياس المسوي يدخل في القياس الخفي، وطبعا المثل الذي ضربناه للقياس المساوي أدخلوه في القياس الخفي. وأقول هو يستوعب النوعين، لكنه أكثر في القياس الخفي.

مثــــــــال:
قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10] فإذا كان الذي يأكل أموال اليتامى ظلما في النار، فهل الذي يلقيه في البحر ليس عليه شيء؟ أو الذي يحرقه ليس عليه شيء؟ خطأ، فإن المسألة أن الذي يأكل أموال اليتامى ظلما فإنما يأكلون في بطونهم النار, فهم عوقبوا لأكل مال اليتيم والعلة الإحواز على المال دون أن يعطيه لصاحبه، فهم يأثموا بالأكل أو يأثموا بالإغتصاب.
أيضا الإحراق إتلاف لكنه أشد وأنكى لأنه وقع في حرمتين، أكل مال يتيم، وأتلف مالا، لاانتفع به ولا ترك لغيره أن ينتفع به.
بعضهم يعتبره قياس مساوي من باب الإتلاف كالإحراق أو إضاعته وأنه يدخل في نفس الوعيد في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].

ثالثا: قياس الشبه:
وهو أن يتردد فرع بين أصلين فيه شبه من الأصل الأول وفيه شبه من الأصل الثاني، فأيهما أقرب شبها يقاس عليه.
مثال (1):
تملك العبد، فالعبد فقهيا لايملك شيئا، والعبد ماله كله لسيده، والدليل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ). ووجه الدلالة أن مال العبد ليس ماله مع أن الإضافة له لكنها ليست إضافة تمليك، فقد تملك المال للبائع المبتاع، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع، فماله لسيده فهذه دلالة على أن العبد لايملك شيئا.
لم لا يملك العبد؟ هذا النص فصل في النزاع، ولكننا نتكلم عن القياس، فهل نملكه بالقياس أم لا؟ فننظر فنرى أن العبد يتردد بين أصلين، بين الحيوان الناطق وهو الإنسان الحر، وبين الحيوان الذي لا ينطق وهو البهيمة، كيف ذلك؟
هو يشبه الحر لأنه مأمور بخمس صلوات في اليوم والليلة، مأمور بالصيام، مأمور بالعبادات التي أمر الله بها الحر، فهو يشبه الحر من هذه الناحية، فهو مكلف كما الحر مكلف.
وهو يشبه البهيمة بأنه يوهب ويباع ويشترى كما البهيمة توهب وتباع وتشترى.
فالعلماء اختلفوا عليه على قولين:
القول الأول: بعضهم قال هو أشبه بالحر فيقاس على الحر فيمتلك.
القول الثاني: وبعضهم قال هو أشبه بالبهيمة فيقاس عليها فلا يمتلك، والذين قالوا هذا هم أولى الرأيين بالحق وجاء الحديث يعضد ما ذهبوا إليه وأن العبد لايمتلك.

مثال (2):
مسألة ضع وتعجل، أي أن يكون هناك رجل قد أقرض آخر عشرة ألاف درهما إلى سنة، دون أن يشترط أولا –وهذه مهمة-. فجاء الرجل فقال له: مالك بعد عام، فسأعطيك بعد ستة أشهر، ولكن سأعطيك إياه سبعة ألاف وليس عشرة ألاف، وتضع بها ثلاثة ألاف وأعطيك معجلا. اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: وقول الجمهور، قالوا أن هذا ربا، ولا يجوز. ودليلهم في ذلك الأدله التي سردتها –أي الشيخ في بحث يتعلق بالمسألة- ومن أدلتهم القياس، قاسوا الزيادة نظير الأجل على نقصان نظير الأجل. فقال ابن رشد في بداية المجتهد وقد صنف هذا القياس، وقال هذا قياس شبه يعني شبهه بزيادة نظير الأجل بالنقصان نظير الأجل. والراجح الصحيح حرمة ضع وتعجل.

وقياس الشبه عند أهل الأصول دلالته ضعيفة، وحجته أضعف من القياس الخفي. بل هو عند أكثر أهل العلم ليس بحجة، وهذا هو الراجح الصحيح.

رابعا: قياس العكس:
هو اثبات نقيض حكم الأصل للفرع لوجود نقيض العلة، يعني الفرع فيه علة تعاكس العلة الموجوة في الأصل.
مثال (1):
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا).
فالأصل أن (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) فمن جامه أهله، ففيه صدقة، لم؟ لأنه وضعها في حلال. ثم قال رسول الله قياس عكس فقال: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟) فمن زنى بامرأة ، فماذا عليه؟ عليه وزر.
فالأصل: أن يأتي زوجه، والحكم: له صدقة، والعلة وضعها في الحلال. والفرع: أن يزني المرء، وحكمه بقياس العكس: عليه وزر. وعلة العكس: وضعها في الحرام.

مثال (2):
ماذا قال معاوية عندما قتل عمار بن ياسر؟
عندما قتل عمار بن ياسر، كان موجودا عند معاوية عبدالله بن عمرو بن العاص وأبيه، وعبدالله يحفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل الرجل متهللا لمعاوية وعمرو بن العاص فقال: قتلت ابن سمية. فقال عبدالله: أبشر بالنار فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (بشر قاتل ابن سمية بالنار). فلما فشا الأمر في جيش معاوية اختلت الصفوف، وذهب كثير منهم إلى علي رضي الله عنه. فقال معاوية لعمرو: بَعِِّدْ عنا مجنونك هذا –يقصد عبدالله- ثم قال: قتله الذين أخرجوه. ومن الذي جاء به؟ علي بن أبي طالب، يريد أن تختل صفوف جيش علي.
فلما بلغ الأمر عليا قال: إذا رسول الله قتل حمزة رضي الله عنه.
وهذا قياس عكس، الأصل : قول معاوية، والفرع: قول علي، والعلة: الإخراج للقتال، الحكم: القتل.







العلــــــــــــــــــــة:
العلة هي الوصف المناسب الموجود في الأصل والذي يتعلق به الحكم، وحيثما وجد الحكم وجد هذا الوصف المناسب.

الفرق بين العلة والحكمة:
العلة تكون وصفا، منضبطا، ظاهرا، مناسبا، متعديا.
أما الحكمة: فهي مقصود الشرع، أي المصلحة التي قصدها الشرع بتشريع هذا الحكم.
مثــــــــــال:
السفر أبيح فيه القصر، وأبيح فيه الجمع، والعلة السفر والدليل قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر [البقرة:184]، وقوله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء:101]، فالعلة المنوط به الحكم هي السفر, ولكن الحكمة هي رفع المشقة.
فإذا قلنا العلة رفع المشقة، إذا لن نقيس، لأن الوصف غير منضبط، يمكن لأحدهم أن يسافر بالطائرة فلا يجد مشقة أو يسافر بالمركب فلا يجد مشقة، فيما آخر يجد مشقة في السفر، فهل نقول للأول لاتقصر ولا تفطر؟ وللثاني أفطر واقصر؟ فهذا وصف غير منضبط، فنرجع للوصف المنضبط وهو السفر.

والعلاقة بين العلة والحكمة علاقة تلازم، إذ العلة الطريق إلى تحقيق الحكمة، فالعلة هي الوسيلة التي تحقق بها الحكمة.

الشروط التي يجب أن تتوفر في العلة:
أن تكون وصفا، منضبطا، ظاهرا، مناسبا، متعديا.
متعديا أي يتعدى للآخرين، يتعدى لغيره حتى يتم القياس، وإلا لو كانت قاصرة سيبقى الأمر غيرمتعد، فإذا لابد أن تكون العلة متعدية أي تتوفر في الفرع.

مسالك العلة:
مسالك العلة أي كيف أعرف العلة؟ كيف أتعرف على هذه العلة؟ كيف أرى هذه العلة؟ كيف أستنبطها؟ ومسالك العلة هي:
أولا: النص من الكتاب أو السنة: فتعرف العلة بالتنصيص, أن يأتي النص بأن هذه علة، فتعرف أنها علة الحكم، وهناك أدوات للتعليل مثل كي، لكي، لام التعليل، كيلا، كيف، لأن، لأجل،.. كلها أدوات تبين لك أن هذه علة، وهذه تكون قطعية.
أما الظني كالتي تأتي معها أدوات قد تكون للتعليل كاللام، فاللام قد تكون للتعليل، وقد تكون لغير ذلك، فمثلا قوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا [القصص:8] اللام للعاقبة والمآل، وهنا تكون ظنية، أيضا كلا وكيف أدوات ظنية.
فالمقصود أن تكون أدوات التعليل في النص قطعية.
مثال (1):
بعدما ذكر الله الزكاة بتفصيلها قال الله تعالى: كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ [الحشر:7]، فـ(كي) هنا للتعليل، والعلة من فرض الزكاة وأن نأخذ منه النصاب ونعطيه الفقير كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم)، فالعلة من ذلك: كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ فيكون المال للأغنياء ويضيع على الفقراء.

مثال (2):
أيضا قوله تعالى لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا [الأحزاب:37]، فالعلة رفع الحرج، و(لكي) للتعليل.

مثال (3):
أيضا قوله تعالى في العلة من إرسال الرسل: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل [النساء:165]، فالعلة هي قطع الحجة على البشر، فإذا وقف أمام ربه تعالى فقال رب ما أرسلت إلى رسولا فأتبعه، فأرسل الله الرسل لئلا يكون للناس على حجة بعد الرسل. وأداة التعليل (لئلا).
مثال (4):
أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه منع اختزان لحوم الأضاحي لأجل الدافة. فهو نهى أهل المدينة أن يدخرو لحوم الأضاحي لأنه وجد أن الوفود التي تأتي كلها جوع وفقر مدقع، فنهاهم من أجل الفقر. فلما اغتنى الناس قال: (إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا). وأداة التعليل (لأجل).

مثال (5):
أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ) فهذا تعليل، فلو أن أحدهم استئذن وأخذ ينظر من فتحة الباب، فهل هذا استئذان؟ لا، حتى أن لصاحب البيت أن يخرم عينيه ولا دية له، فعينه هدر. ودليل ذلك حديث: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرَاةٌ يَحُكُّ بِهَا رَأْسَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ).

مثال (6):
أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا َتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ). فالعلة (فَإِنَّهَا َتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ) وهذا يسمى توكيدا للتعليل، وهذا أضعف من الأول، لأنه محتمل توكيد الجملة بعدها.

مثال (7):
عن كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي فَقُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ). فهي ليست بنجس، لم؟ (إِنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ)، وهذا أيضا توكيد للتعليل.

ثانيا: الإجماع: فهو يدل على العلة.
مثلا: تفضيل قوة القرابة في الأخ الشقيق فيقدم على الأخ لأب في التوريث، فلو وجد أخ شقيق ووجد أخ لأب، يحجب الأخ لأب بالأخ الشقيق ويقدم عليه. فالتفضيل يكون تبعا لقوة القرابة. وأسباب التوريث هي بنوة، أبوة، أخوة،عمومة، وذو الولاء تتمة. فالأخوة تقدم على العمومة، لكن لو تزاحم الأخوة فيقدم الأخ الشقيق على الأخ لأب فقوة القرابة للأخ الشقيق تقدمه بالإجماع، فالعلة التي ثبتت بالإجماع هي قوة القرابة.
فنقيس على ذلك ابن الأخ الشقيق فيقدم على ابن الأخ لأب لقوة القرابة.

ثالثا: السبر والتقسيم:
وهذا بالاستنباط والاستقراء والاجتهاد ودقة النظر وإعمال النظر في الأدلة.
والسبر معناه الإختبار، والتقسيم هو أن يأخذ العلة فيجد أن هذه العلة مليئة بالأوصاف، فيأخذ يفصل في هذه الأوصاف.
مثال (1):
الخمر، فالمجتهد يأتي إلى الخمر، فيقول كيف نثبت العلة هنا؟ ما هي العلة؟ فينظر في الخمر فيرى هل لأنها صفراء؟ هل لأنها سائلة ليست جامدة؟ أو لأن الخمر تزن في القارورة؟ أو لأن الخمر تذهب بالعقل وتسكره؟ أو أن الخمر تسكر بنشوة؟ فينظر في كل هذه الأوصاف، هل للونها؟ لا، هل لسيولتها؟ لا، ..... هل للسكر؟ لا، لأن البنج يسكر ويذهب بالعقل، هل السكر بنشوة؟ نعم، فهذا الذي يحرم، لأن المخمور الذي يشرب الخمر تجده يمشي ويتصور أن الناس تمشي مقلوبة، ويتصور أنه أفضل البشر، وتجده يغني ويصدر منه أمور عجيبة، فهو سكران بنشوة.
فالعلة في تحريم الخمر الإسكار بنشوة، حتى يخرج لنا البنج، فالعمليات الجراحية لايمكن إجراؤها إلا بالبنج، مع أنه يسكر ويذهب بالعقل، لكن ليس بنشوة.

مثال (2):
ولاية الإجبار أي الولاية على الصغيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإذنها سكوتها)، صمتها هو الإذن لها.
وهذا موضوع خلاف بين الشافعية والأحناف في ولاية الولي على الصغيرة، وقد اختلف الشافعية والأحناف هل هي من أجل الصغر أم من أجل البكارة؟
نظروا في الصغيرة فوجدوها إما بكرا وإما صغيرة، فالعلة في الولاية الصغر أم البكارة؟ فنجد الشافعية قالوا البكارة، فيما الأحناف قالوا أن الولاية لا تكون إلا على الصغيرة, وهذا القول هو الحق.
ولذلك ترى أن الشافعية لا ترى أن الثيب يزوجها وليها وإنما لابد أن يسأذنها، حتى ولو كانت صغيرة لأن العلة عندهم البكارة.
أما الأحناف فقالوا أن البكارة ليست وصفا لازما، فألغوا هذا الوصف، وأثبتوا الوصف الآخر وهو الصغر.
فالغرض المقصود أنه مع دقة النظر نجد أن السبر والتأصيل يرجح علة وصفا مناسبا على غيره.

رابعا: تحقيق المناط:
وهو مسلك من مسالك العلة، يكون الحكم معللا بعلة محققة أو متوهمة، أي تهذيب العلة مما يتعلق بها.
مثال (1):
حرمة وقوع الأعرابي على زوجه في نهار رمضان، هل لأنه أعرابي؟ أو لأنه في المدينة؟ او لإنتهاك حرمة رمضان؟ أم هو الجماع عمدا؟
الشافعية على أنه للجماع فقط. والأحناف قالوا لإنتهاك حرمة رمضان، والراجح قول الشافعية.

مثال (2):
الخمر حرمت، هل لغلو الثمن؟ أو اللون؟ أو الطعم؟ أو الإسكار؟ لذهاب العقل، فمناط الحكم هو العقل.[/24
]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kkkk424.forumegypt.net
 
الدرس العاشر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدرس العاشر
» الدرس العاشر
» الدرس السادس عشر
» الدرس السابع عشر
» الدرس الأول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحق المبين :: أصول الفقه-
انتقل الى: